الضيوف

الأحد، أغسطس 28، 2011

الفرق بين إبليس والشيطان

 الفرق بين إبليس والشيطان

إبليس هو ذلك المخلوق بعينه الذي لعنه الله حين عصاه في عدم السجود لآدم عليه السلام في السماء أما الشيطان فقد ورد في أساس البلاغة في تعريف شطن قوله هو الحبل الطويل يستقى به وتربط به الدابة أهـ. وقال في لسان العرب ( شطن ) الشَّطَنُ الحَبْل وقيل الحبل الطويل الشديدُ الفَتْل يُسْتَقى به وتُشَدُّ به الخَيْل والجمع أَشْطان قال عنترة يَدْعُونَ عَنْتَر والرِّماحُ كأَنها أَشْطانُ بئرٍ في لَبانِ الأَدْهَمِ ووصف أَعرابي فرساً لا يَحْفى فقال كأَنه شَيْطانٌ في أَشْطان أهـ. وفي هذا التعريف وصف دقيق لمعنى الشيطان فهو لا يعدو كونه حبلاً يصل بين إبليس وبين بني آدم , لأن إبليس ليس له سلطان على بني آدم, فاستعان بالشياطين الذين هم جزء منه إن لم يكونوا أبناءه لكي يصل إلى بني آدم, ومن أطاع الشيطان وزل أصبح لإبليس سلطان عليه, قال تعالى { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42)} [الحجر: 42], وقال تعالى {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121)} [طه: 121] أي لولم يتبع كلام الشيطان لم يكن لإبليس عليه مدخل ولكن الله اجتبى آدم حينما تاب عليه قال تعالى { ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122)} [طه: 122] وفي التعريف السابق توافق عجيب بين إبليس وبين بني إسرائيل فإبليس ليس سلطان على الناس إلا عن طريق حبل من الشياطين وبني إسرائيل قال تعالى عنهم {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ} [آل عمران: 112] هذا غير أنهم يشتركون مع إبليس في صفه أخرى ليست عند باقي الأمم كلها وهي كونهم رأوا من الآيات العجب العجاب ومع ذلك لم يؤمنوا فهم كمثل إبليس الذي يكلم الله ويعصيه نسأل الله السلامة.

مدة الاستعاذة

وهناك فرق آخر بين الشيطان وإبليس فإبليس قد أعاذنا الله منه منذ قديم الزمان حينما قال{ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42)} [الحجر: 42] فإبليس ليس له على كل البشر سلطان إلا على الغاوين وهم الذين يعصون قبل أن يوسوس لهم, وأما الشيطان فقد علمنا الله سبحانه وتعالى وأنزل علينا قرآناً يتلى بأن نستعيذ بالله منه بقولنا أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال تعالى{وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200)} [الأعراف: 200] وبهذه الطريقة يكون بن آدم محمي بأمر الله من إبليس ومن الشياطين في نفس الوقت, إذاً فالشيطان يوسوس للإنسان حتى لو لم يعصي في البداية ولكن الاستعاذه بالله منه تحمينا إلى أن نعصي مرة أخرى, فيعود الشيطان للوسوسة, أما إبليس فليس له سلطان مطلقاً إلى أن نعصي بأنفسنا حتى ولو لم نستعذ بالله منه, لأن الله قد أعاذنا منه منذ قديم الزمان والله أعلم.

في قوله تعالى {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا (65)} [الإسراء: 65] ليس معناه أن هؤلاء المؤمنون المحميون من إبليس وأعوانه لا يعصون أبداً وإنما هم مثل باقي البشر يعصون ويغويهم الشيطان أحياناً ولكنهم يتوبون ويعودون إلى الله بسرعة ويستعيذون بالله من الشيطان الرجيم فيعيذهم منه قال تعالى {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201) وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ (202)} [الأعراف: 200 - 202] ولعل المقصود من كلمة (إخوانهم) هنا هم إخوانهم من بني جنسهم من البشر, قال في التحرير والتنوير (6/  134، بترقيم الشاملة آليا) نقلاً عن الزجاج : أي وإخوان المشركين ، أي أقاربهم ومن هو من قبيلتهم وجماعة دينهم أهـ,  فإن المتقين إذا مسهم طائف من الشيطان وتذكروا وتابوا إلى الله واستعاذوا بالله من الشيطان الرجيم لم يبق أمامهم إلا أنفسهم الأمارة بالسوء وبني آدم الذين هم إخوانهم بالبشرية , فهم يستطيعون أن يصلوا  منهم إلى ما لا تستطيع الشياطين أن تصل إليه, فالشياطين لا يسلطون عليهم بعد الاستعاذه منهم إلا بعد أن يعصوا بأنفسهم, أما إذا لم يستعيذوا بالله من الشيطان الرجيم فالشياطين تستطيع الوسوسة لهم, أما إبليس فلا يستطيع الوسوة إلى أن يعصوا بأنفسهم أو يتبعوا كلام الشياطين والله أعلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يشرفني مروركم