الضيوف

الثلاثاء، نوفمبر 01، 2011

(5) القوم الذين لايكادون يفقهون قولاً


القوم الذين لايكادون يفقهون قولاً

ورد في معرض قصة ذي القرنين وصف القوم الذين طلبوا منه بناء السد بينهم وبين يأجوج ومأجوج أنهم لا يكادون يفقهون قولاً فما معنى لا يفقهون قولا ؟؟
هل معناها :
1-              أنهم لا يفهمون!!
2-             أو أنهم لا يتكلمون جيداً أي لا ينطقون نطقاً واضحاً !!
3-             أو أن لديهم لغة غير لغة ذي القرنين!!
4-             أو أنهم لا يسمعون جيداً مما يؤدي إلى صعوبة التواصل معهم !!
لنأخذ الاحتمالات السابقة بالتفصيل حتى نصل فعلاً إلى المقصود من قوله تعالى
(( لا يكادون يفقهون قولا ))

أولاً:لنأخذ الاحتمال الأول لمعنى قوله (( لا يكادون يفقهون قولا )) وهو أنهم لا يفهمون /

 فسنجد أن هذا الوصف لا ينطبق على هؤلاء القوم , لأنهم قوم يفهمون والدليل على ذلك :
أ‌-                 أنهم خاطبوا ذا القرنين باسمه الذي خاطبه به الله سبحانه , في الوقت الذي لم يخاطبه بهذا الاسم أي من الأمم التي مر عليها ذو القرنين في رحلته إلى مغرب الشمس وإلى مطلع الشمس .
ب‌-           اجتماع كلمتهم على رأي واحد , حيث أن الله سبحانه وتعالى وصف كلامهم مع ذي القرنين  بصيغة الجمع , وهذا يدل على اتحاد الكلمة , واتحاد الكلمة يدل على فهم هؤلاء القوم .
ت‌-           طلبهم من ذي القرنين أن يبني سداً في وجه يأجوج ومأجوج , وهذا يدل على معرفتهم بالسدود , فقد بنوا سدين لمنع يأجوج ومأجوج من الوصول إليهم قبل قدوم ذي القرنين,وهذه السدود كانت من الضخامة بمكان بحيث أن الله سمى مكانهم بين السدين, وبناء السدود يدل على أن هؤلاء القوم لديهم علم وحضارة , والعلم والحضارة يتنافى مع عدم فهمهم .
ث‌-           قولهم لذي القرنين (( فهل نجعل لك خرجاً )) أي نجعل لك أجراً ومقابلاً لعمل السد لنا, يدل على فهمهم أيضاً , وذلك للأسباب التالية :
1-             معرفتهم أن ذا القرنين ليس غازياً لمجرد الغزو والخراب والتدمير واستعباد الناس وإنما هو ملك عادل , فتجرأوا وطلبوا منه هذا الطلب .
2-             معرفتهم أن ذا القرنين رحالة ولن يقيم في أرضهم  إقامة دائمة وذلك واضح في أمرين من خطابهم :
·       أنهم قالوا لذي القرنين (( أن تجعل بيننا وبينهم سداً )) فلم يقولوا  ( بينك وبينهم ) ,, وذلك لعلمهم بأن ذا القرنين ليس مقيماً إقامة دائمة وأنه سيرحل قريباَ.
·       أنهم جعلوا لذي القرنين مقابل وأجر ليعمل ما طلبوه منه , وذلك يدل على عدلهم فلكل عمل هناك مقابل وأجر , وفيه أيضاَ ترغيب لذي القرنين ببناء ما طلبوه منه قبل أن يغادر وذلك لحاجتهم الملحة له.
من جميع ما سبق نستنتج أن هؤلاء القوم يفهمون ولديهم حضارة وعلم مما يجعلنا نذهب إلى باقي الاحتمالات ....................................

ثانياً : أنهم لا يتكلمون جيداً أي أنهم لا ينطقون نطقاً واضحاً :

وهذا احتمال ضعيف , والدليل على ذلك الحديث الذي دار بينهم وبين ذا القرنين , حيث قال تعالى فوراً بعد وصفهم بعدم فقه القول أنهم (( قالوا يا ذا القرنين ..))

ثالثا: أن لديهم لغة غير لغة ذي القرنين :

 وهذا احتمال ضعيف جداً , بل أضعف من جميع ما سبق ولا يمكن أن يكون هذا هو السبب في أنهم لا يفقهون قولاً , رغم أن لغتهم قد تكون فعلاً غير لغة ذي القرنين , ولكن ذا القرنين ليس لديه مشكلة في اختلاف لغة الأقوام الذين يقابلهم , لأن ذا القرنين رحل إلى مغرب الشمس ثم إلى مطلع الشمس وقابل شعوب هذه المناطق , ومن المنطق أن يكون لكل شعب من شعوب هذه المناطق لغة خاصة به تختلف عن الآخر , ومع ذلك لم يقل الله سبحانه وتعالى عنهم أنهم لا يكادون يفقهون قولاً , ولم يعاني ذو القرنين من التواصل معهم.

رابعاً يتبقى لدينا الاحتمال الأخير وهو أنهم لا يسمعون جيداً مما يؤدي إلى صعوبة التواصل معهم :

وهذا الاحتمال هو الاحتمال الأقرب للواقع , , حيث أننا نلاحظ في كلام ذي القرنين مع هؤلاء القوم أنه لم يتم بينهم وبين ذي القرنين محاورة في الكلام , فلم يذكر الله عنهم أنهم خاطبوا ذا القرنين بغير ذلك الخطاب – وهو كلامهم عن يأجوج ومأجوج وطلبهم بناء السد - رغم وجود كلام من ذي القرنين , وهذا يدل على سلامة النطق لديهم فقد أوصلوا المعلومة لذي القرنين , مع وجود عيب في السمع لديهم وذلك لعدم محاورتهم ذا القرنين حتى نهاية القصة, ولنأخذ دليلاً آخر على ذلك من القرآن الكريم , ومن قصة موسى عليه السلام بالتحديد , فقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى أن موسى بعد أن عهد الله إليه بالنبوة , دعى ربه وكان من ضمن دعائه ((وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) سورة طه لأن موسى عليه السلام كان لديه ثقل في لسانه , فدعى ربه أن يحلل هذه العقدة لكي يفقه الناس قوله , فنسب فقه القول من عدمه إلى الناس رغم أن العلة لديه هو , ورغم ذلك لم ينسب فقه القول له فيقول (( يفقه قولي )) فينسب فقه القول للقائل وليس للسامع , وإنما نسبه للسامع , ومن هذه الآيات يتبين لنا أن فقه القول خاص بالسامع وليس القائل , فإذا اتفقنا على ذلك نجد أن عدم فقه هؤلاء القوم للقول هو من ناحية سماعهم له , ويكون عدم سماعهم له بشكل سليم يرجع إلى أحد أمرين , وهما :
1-             وجود علة في النطق لدى القائل كما في قصة موسى عليه السلام , وهذا لا ينطبق على قصة هؤلاء القوم , فالقائل هنا هو ذو القرنين , ولا يوجد لديه علة في النطق , وهذا واضح من مقابلته لشعوب أخرى قبل هؤلاء القوم , فلم يعاني من صعوبة في التواصل معهم , حيث أن الله سبحانه وتعالى لم يصف أي من الأقوام الذين قابلهم ذو القرنين بأنهم لا يفقهون قولاً.
2-             وبانتفاء الاحتمال السابق لا يتبقى لدينا سوى احتمال واحد وهو وجود عيب في السمع لدى هؤلاء القوم , مما يجعلهم لا يكادون يفقهون قولا  والله أعلم .

هناك 5 تعليقات:

  1. بارك الله تعالى فيكم وجعلكم من اهل جنان الفردوس وايانا وجميع المسلمين

    ردحذف
    الردود

    1. الخوف والفساد والارهاب و الفزع وعدم الاستقرار النفس يؤدي الا قول الله سبحانه لا يكادون يفقهون قولا والله أعلم

      حذف
  2. فهمتها انه ابتداء عجمة لسانهم في اللفظ . والله اعلم , انهم عرفوا كلماته بصعوية وعندما عرفوا اللفظ فهموه ! واما الذين عند العين الحمئة , في حوض الامازون , كانوا لا يزالون يتقنون اللفظ العربي والاشكال كان بدا ابتعادهم عن الاسلام !

    ردحذف
  3. لا يفقهون قولا أي أنهم يعيشون في جاهلية عمياء تكاد لا تحكمهم قواعد الحلال والحرام مثلا الام تتزوج الإبن والخال يتزوج الأخت وشرب الدم وكل شيء وربما حتى أكل لحم البشر لان ذو القرنين عليه السلام تكلم معهم وتكلموا معه بكل وضوح أما ذوالقرنين كمايقول الله تعالى فقد تكلم معهم وطلبوا منه سدا لكنه أمر بردم والسد ليس هو الردم ويعرفون حتى الحديد والقطران والخراج والسد وكل هذا والله الاعلم وأستغفره إن أخطأت

    ردحذف
  4. هناك قراءة لحمزة والكسائي لا يُفقِهون قولا.
    اي لا يتكلمون او لا يحسنون لغة ذي القرنين.
    لذلك احتمال مشكلة السمع فقط ضعيف بسبب هذه القراءة.
    ومعلوم أن الذي لا يسمع لا يتكلم غالبا. فلعل لغتهم معه بالاشارة فقط

    ردحذف

يشرفني مروركم